الشاعر ايليا أبو ماضي يسرق قصيدة شاعر بدوي
نشرت جريد الرياض السعودية مقالا في عددها الصادر في يوم الثلاثاء الخامس من يونيو2007م بقلم : صلاح الزامل عن سرقة أدبية ، وقد اختصرته لكم مكتفيا بالمقصود من نشره في مدونتي بهدف الفائدة الأدبية. و إليكم ما نقلته من المقال :
في سنة 1956م - 1375ه أصدر علاّمة الأردن وأديبها اللغوي روكس بن زايد العزيزي ت 1425 ه كتاباً بعنوان "فريسة أبي ماضي" والعنوان واضح جداً لا غموض فيه فهو يعني الشاعر المهجري اللبناني المشهور ذائع الصيت في الوطن العربي إيليا ابي ماضي ت 1377 ه وفريسة من الافتراس
والأستاذ الأديب روكس يقصد افتراساً معنوياً فبحثه هذا الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية في أوائل الخمسينات الميلادية والسبعينات الهجرية حينما أذاع بحثه هذا في إذاعة الشرق الأدنى قبل نشره في كتابه هذا ونشر بحثه كذلك هذا النفيس في جريدة السائح الشهيرة في تاريخ 7آذار سنة 1955م لكن ما هو هذا الذي اكتشفه الأديب روكس؟
في هذا الكتاب يكشف لنا الأديب العزيزي عن سرقة أو إغارة من الشاعر المهجري المشهور أبو ماضي على قصيدة شعبية لشاعر من شعراء عنزة يدعى الرميثي واسمه كما يذكر العزيزي علي الرميثي الفدعاني العنزي
وأما كيف اكتشف العزيزي هذه السرقة من ايليا ابو ماضي فهو عندما قارن بين القصيدتين الشعبية والفصيحة فبالمقارنة وجد ان ابي ماضي قد غيّر ألفاظ القصيدة واستبدلها بألفاظ فصيحة فهي سرقة واضحة مكشوفة فقصيدة أبي ماضي هذه الفصيحة هي من أشهر قصائده وهي قصيدة الطين
وسميت هذه القصيدة بقصيدة الطين لأن الشاعر ايليا أبو ماضي أورد في قصيدته هذه أصل الإنسان الأول وهو آدم عليه السلام حيث يقول أبو ماضي :
نسي الطين ساعة انه طين حقير فصال تيها وعربد
وكسا الخز جسمه فتباهى وحوى المال كيسه فتمرد
فكلا القصيدتين على نسق معين واحد الفارق انه قصيدة العنزي شعبية وقصيدة أبي ماضي فصيحة .
يقول الرميثي في قصيدته هذه الشعبية :
يا أخوي ما احنا فحمة بهاسني ولا أنت شمساً تلهب الدو بغياه
يأتي أبو ماضي ويصيغ هذا البيت بعبارات فصيحة قائلاً :
يا أخي لا تمل بوجهك عني ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
الشاعر الرميثي العنزي أشار إلى أنه لا بقاء ولا خلود للإنسان في هذه الدنيا فمادام ذلك كذلك فما هي فائدة المال أنت أيها الإنسان لن تأكل الذهب حينما يهجم عليك الموت بغتة يقول أبو ماضي في هذا المعنى بقالب فصيح رائع وجذاب :
أنت لا تأكل النضار إذا جعت ولا تشرب الجمان المنضد
يقول: الرميثي رحمه الله تعالى مخاطباً ابن عمه :
المنوه اللي بضميرك تلوى لي مثلها يا شين بالقلب تهواه
نحلم حلو ما حلوة يوم نرضى وتمر يوم السعد ما بان ما طاه
الشاعر ابو ماضي عبر عن هذين البيتين بأربعة أبيات في سبك جيد قائلاً :
لك في عالم النهار أماني ورؤى والظلام فوقك ممتد
وبقلبي كما بقلبك أحلام حسان فانه غير جلمد
أأماني كلها للتلاشي وأمانيك للخلود المؤكد؟
لا فهذي وتلك تأتي وتمضي كذويها وأي شيء يؤبد؟
طبعاً كما هو معروف فإن الشاعر الرميثي في قصيدته يخاطب شخصاً معيناً وهو ابن عمه وأما ابو ماضي الشاعر المهجري فهو يخاطب عموم الناس .
ويستمر الأستاذ الأديب روكس العزيزي في التحليل والمقارنة بين القصيدتين ومن هذه المقارنات نختار كذلك هذه الأبيات يقول: العنزي رحمه الله .
يوم الرماح تناوشك ليه تلوى والترف يوم يفارقك ليه تشهاه
يأتي ابو ماضي بمثل هذا البيت قائلاً :
واذا راعك الحبيب بهجر ودعتك الذكرى ألا تتوجد
ويقول العنزي :
كليتنا للترب نمشي ونحيا لا توهمك يا الضبع نفسك بمشهاه
أما أبو ماضي فيقول :
أنت مثلي من الثرى وإليه فلماذا يا صاحبي النيه والصد؟
ثم يقول: العزيزي ان الشاعر الرميثي يقول بيتاً في منتهى الروعة :
هذا القمر والشمس والنجم تعلى ومخمو مسك مثل الخرابيش تنصاه
يشرح العزيزي هذا البيت ويقول : هاهو ذا القمر وهاهي ذه الشمس وهاهي ذه النجوم ترتفع متعالية في قبة السماء تزور بيوت الشعر الحقيرة "الخرابيش" كما تزور بيتك الفخم ذا الأعمدة الخمسة
أخذ ابوماضي هذا المعنى وقال :
النجوم التي تراها اراها حين تخبو وعندما تتوقد
قمر واحد يطل علينا وعلى الكوخ والبناء الموطد
وهكذا نجد ان العلامة العزيزي قد أبان وأظهر هذه المقارنة بين القصيدتين ونشرها في الصحافة وأيدها نخبة من الأدباء في العراق والشام ومصر ولعل من أشهرهم الأديب اللبناني ما ورد من عبود حيث قال: تكون قصيدة ابي ماضي طبق الأصل ولا فرق بينها وبين قصيدة الرميثي .
ختاما أقول أنا صاحب هذه المدونة : عجبا لأمر الشعر، لم يملك الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي نفسه حين شاهد الحسناء التي ملكهاا شاعر بدوي فتمنى لنفسه مثلها فاتحف عالم الأدب برائعة من روائعه التي طالما دندنت بها و استشهدت بها وناغيت نفسي بها، حتى راعني ما علمت من شأن السرقة فازددت عجبا من حال الشعراء و سطوة الشعر عليهم بجماله و بديع معانيه و عذرت كل شاعر سحره بيت شعربمعناه فسرقه ، فللشعراء حال كحال العاشقين المغلوب على أمرهم.
نشرت جريد الرياض السعودية مقالا في عددها الصادر في يوم الثلاثاء الخامس من يونيو2007م بقلم : صلاح الزامل عن سرقة أدبية ، وقد اختصرته لكم مكتفيا بالمقصود من نشره في مدونتي بهدف الفائدة الأدبية. و إليكم ما نقلته من المقال :
في سنة 1956م - 1375ه أصدر علاّمة الأردن وأديبها اللغوي روكس بن زايد العزيزي ت 1425 ه كتاباً بعنوان "فريسة أبي ماضي" والعنوان واضح جداً لا غموض فيه فهو يعني الشاعر المهجري اللبناني المشهور ذائع الصيت في الوطن العربي إيليا ابي ماضي ت 1377 ه وفريسة من الافتراس
والأستاذ الأديب روكس يقصد افتراساً معنوياً فبحثه هذا الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية في أوائل الخمسينات الميلادية والسبعينات الهجرية حينما أذاع بحثه هذا في إذاعة الشرق الأدنى قبل نشره في كتابه هذا ونشر بحثه كذلك هذا النفيس في جريدة السائح الشهيرة في تاريخ 7آذار سنة 1955م لكن ما هو هذا الذي اكتشفه الأديب روكس؟
في هذا الكتاب يكشف لنا الأديب العزيزي عن سرقة أو إغارة من الشاعر المهجري المشهور أبو ماضي على قصيدة شعبية لشاعر من شعراء عنزة يدعى الرميثي واسمه كما يذكر العزيزي علي الرميثي الفدعاني العنزي
وأما كيف اكتشف العزيزي هذه السرقة من ايليا ابو ماضي فهو عندما قارن بين القصيدتين الشعبية والفصيحة فبالمقارنة وجد ان ابي ماضي قد غيّر ألفاظ القصيدة واستبدلها بألفاظ فصيحة فهي سرقة واضحة مكشوفة فقصيدة أبي ماضي هذه الفصيحة هي من أشهر قصائده وهي قصيدة الطين
وسميت هذه القصيدة بقصيدة الطين لأن الشاعر ايليا أبو ماضي أورد في قصيدته هذه أصل الإنسان الأول وهو آدم عليه السلام حيث يقول أبو ماضي :
نسي الطين ساعة انه طين حقير فصال تيها وعربد
وكسا الخز جسمه فتباهى وحوى المال كيسه فتمرد
فكلا القصيدتين على نسق معين واحد الفارق انه قصيدة العنزي شعبية وقصيدة أبي ماضي فصيحة .
يقول الرميثي في قصيدته هذه الشعبية :
يا أخوي ما احنا فحمة بهاسني ولا أنت شمساً تلهب الدو بغياه
يأتي أبو ماضي ويصيغ هذا البيت بعبارات فصيحة قائلاً :
يا أخي لا تمل بوجهك عني ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
الشاعر الرميثي العنزي أشار إلى أنه لا بقاء ولا خلود للإنسان في هذه الدنيا فمادام ذلك كذلك فما هي فائدة المال أنت أيها الإنسان لن تأكل الذهب حينما يهجم عليك الموت بغتة يقول أبو ماضي في هذا المعنى بقالب فصيح رائع وجذاب :
أنت لا تأكل النضار إذا جعت ولا تشرب الجمان المنضد
يقول: الرميثي رحمه الله تعالى مخاطباً ابن عمه :
المنوه اللي بضميرك تلوى لي مثلها يا شين بالقلب تهواه
نحلم حلو ما حلوة يوم نرضى وتمر يوم السعد ما بان ما طاه
الشاعر ابو ماضي عبر عن هذين البيتين بأربعة أبيات في سبك جيد قائلاً :
لك في عالم النهار أماني ورؤى والظلام فوقك ممتد
وبقلبي كما بقلبك أحلام حسان فانه غير جلمد
أأماني كلها للتلاشي وأمانيك للخلود المؤكد؟
لا فهذي وتلك تأتي وتمضي كذويها وأي شيء يؤبد؟
طبعاً كما هو معروف فإن الشاعر الرميثي في قصيدته يخاطب شخصاً معيناً وهو ابن عمه وأما ابو ماضي الشاعر المهجري فهو يخاطب عموم الناس .
ويستمر الأستاذ الأديب روكس العزيزي في التحليل والمقارنة بين القصيدتين ومن هذه المقارنات نختار كذلك هذه الأبيات يقول: العنزي رحمه الله .
يوم الرماح تناوشك ليه تلوى والترف يوم يفارقك ليه تشهاه
يأتي ابو ماضي بمثل هذا البيت قائلاً :
واذا راعك الحبيب بهجر ودعتك الذكرى ألا تتوجد
ويقول العنزي :
كليتنا للترب نمشي ونحيا لا توهمك يا الضبع نفسك بمشهاه
أما أبو ماضي فيقول :
أنت مثلي من الثرى وإليه فلماذا يا صاحبي النيه والصد؟
ثم يقول: العزيزي ان الشاعر الرميثي يقول بيتاً في منتهى الروعة :
هذا القمر والشمس والنجم تعلى ومخمو مسك مثل الخرابيش تنصاه
يشرح العزيزي هذا البيت ويقول : هاهو ذا القمر وهاهي ذه الشمس وهاهي ذه النجوم ترتفع متعالية في قبة السماء تزور بيوت الشعر الحقيرة "الخرابيش" كما تزور بيتك الفخم ذا الأعمدة الخمسة
أخذ ابوماضي هذا المعنى وقال :
النجوم التي تراها اراها حين تخبو وعندما تتوقد
قمر واحد يطل علينا وعلى الكوخ والبناء الموطد
وهكذا نجد ان العلامة العزيزي قد أبان وأظهر هذه المقارنة بين القصيدتين ونشرها في الصحافة وأيدها نخبة من الأدباء في العراق والشام ومصر ولعل من أشهرهم الأديب اللبناني ما ورد من عبود حيث قال: تكون قصيدة ابي ماضي طبق الأصل ولا فرق بينها وبين قصيدة الرميثي .
ختاما أقول أنا صاحب هذه المدونة : عجبا لأمر الشعر، لم يملك الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي نفسه حين شاهد الحسناء التي ملكهاا شاعر بدوي فتمنى لنفسه مثلها فاتحف عالم الأدب برائعة من روائعه التي طالما دندنت بها و استشهدت بها وناغيت نفسي بها، حتى راعني ما علمت من شأن السرقة فازددت عجبا من حال الشعراء و سطوة الشعر عليهم بجماله و بديع معانيه و عذرت كل شاعر سحره بيت شعربمعناه فسرقه ، فللشعراء حال كحال العاشقين المغلوب على أمرهم.