- قصيدة أقصى المجد
-----------------
بِالعِلْمِ يُدْرِكُ أَقصَى المَجْدِ مِـنْ أَمَـمٍ
وَلا رُقِـيَّ بِغَيْـرِ العِلْـمِ لِـلأُمَـمِ
يَا مَـنْ دَعَاهُـمْ فَلَبَّتْـهُ عَوَارِفُهُـمْ
لِجُودِكُمْ مِنْهُ شُكْرُ الـرَّوْضِ لِلدِّيَـمِ
يَحْظَى أُولُو الْبَذْلِ إِنْ تَحْسُنْ مَقَاصِدُهُم
بِالبَـاقِيَـاتَ مِـنَ الآلاءِ وَالنِّـعَـمِ
فَإِنْ تَجِدْ كَرَماً فِـي غَيْـرِ مَحْمَـدَةٍ
فَقَدْ تَكُونُ أَدَاةُ المَـوْتِ فِـي الْكَـرْمِ
مَعَاهِدُ العِلْمِ مَنْ يَسْخُـو فَيَعْمُرُهَـا
يَبْنِـي مَـدَارِجَ لِلْمُسْتَقْبـلِ السَّنِـمِ
وَوَاضِعٍ حَجَـراً فِـي أُسٍّ مَدْرَسَـةٍ
أَبْقَى عَلَى قَوْمِهِ مِـنْ شَائِـدِ الْهَـرَمِ
شَتَّانَ مَا بَيْـنَ بَيْـتٍ تُسْتَجَـدُّ بِـهِ
قُوَى الشُّعُوبِ وَبَيْتٍ صَائِـنِ الرِّمَـمِ
لَمْ يُرْهِقِ الشَّرْقَ إِلاَّ عَيْشُـهُ رَدَحـاً
وَالجَهْلُ رَاعِيـهِ وَالأَقْـوَامُ كَالنَّعَـمِ
فَحَسبُهُ مَا مَضَى مِـنْ غَفْلَـةٍ لَبِثَـتْ
دهراً وَآنَ لَـهُ بَعْـثٌ مِـنَ الْعَـدَمِ
الْيَوْمَ يُمنَـعُ مِـنْ وِردٍ عَلَـى ظَمـأٍ
مَنْ لَيسَ بِاليَقِـظِ المُستَبْصِـرِ الْفَهِـمِ
اليوْمَ يُحرمُ أَدْنَـى الـرِّزْقِ طَالِبُـهُ
فأَعْمِلِ الفِكْـرَ لا تُحْـرَمْ وَتَغْتنِـمِ
وَالجَمْعُ كَالْفَـرْدِ إِنْ فَاتَتْـهُ مَعْرِفَـةٌ
طَاحَتْ بِهِ غَاشِيَاتُ الظُّلْـمِ وَالظُّلَـمِ
فَعَلِّمُـوا عَلِّمُـوا أَوْ لا قَـرَارَ لَكُـمْ
وَلا فِـرَارَ مِـنَ الآفَـاتِ وَالغُمَـمِ
ربُّوا بَنِيكُمْ فَقَدْ صِرْنَـا إِلَـى زَمَـنٍ
طَارَتْ بِهِ النَّاسُ كَالْعِقْبَانِ والرَّخَـمِ
إِن نَمْشِ زَحْفاً فَمَا كَـزَّاتُ مُعْتَـزِمٍ
مِنَّا هُدِيتُـمْ وَمَـا مَنْجَـاةُ مُعْتَصِـمِ
يا رُوحَ أَشْرَفَ مَنْ فَـدَّى مَوَاطِنَـهْ
بِمَوْتِهِ بَعْدَ طُـولَ الْجُهْـدِ وَالسَّقَـمِ
كَأَنَّنِي بِـكِ فِـي النَّـادِي مُرَفْرِفَـةً
حِيَالَنَا وَكَـأَنَّ الصَّـوْتَ لَـمْ يَـرِمِ
فَفِي مَسَامِعِنَـا مَـا كُنـتِ مُلْقِيَـةً
فِي مِثْلِ مَوْقِفِنَا مِـنْ طَيِّـبِ الكَلِـمِ
وَفِي القلوب اهْتِزَازٌ مِنْ سَنَاكِ وَقَـدْ
جَلاهُ وَرْيٌ كَوَرْيِ الْبَرْقِ فِي الظُّلَـمِ
تُوصِينَنَـا بِتُـرَاثٍ نَـامَ صَـاحِبُـهُ
عَنْهُ اضْطِراراً وَعَيْنُ الدَّهْرِ لَـمْ تَنَـمِ
سَمْعاً وَطَوْعاً بِلا ضَعَـفٍ وَلا سَـأمٍ
لِلْهَاتِفِ المُسْتَجَابِ الصَّوْتِ مِن قِـدَمِ
أَلـدَّارُ عَـامِـرَةٌ كَالْعَهْـدِ زَاهِـرةٌ
وَالْقَوْمٌ عِنْدَ جَمِيـلِ الظَّـنِّ بِالْهِمَـمِ
هُمْ نَاصِرُوهَا كَمَا كَانُوا وَمَا بَرِحَـتْ
ظِـلاًّ وَنُـوراً لِمَحْـرُومٍ وَذِي يَتَـمٍ
إِنَّ الْفَقِيـرَ لَـهُ فِـي قَوْمِـهِ ذِمَـمٌ
وَالْبِرُّ ضَرْبٌ مِـنَ الإِيفَـاءِ بِالذِّمَـمِ
تِجَـارَةٌ فِـي سَبِيـلِ اللهِ رابِحَـةٌ
يشْرِي السَّخِيُّ بِهَا عَفْواً مِـنَ النَّقَـمِ
وَيَسْتَزِيدُ النَّدَى مِـنْ فَضْـلِ رازِقِـهِ
وَيَسْتَعِيـنُ عَلَـى الْـعِـلاَّتِ وَالأُزُمِ
دَامَتْ لِمِصْرَ عَلَـى الأَيَّـامِ رِفْعَتُـهَا
وَدَرَّهَـا كُـلُّ فَيَّـاضٍ وَمُنْسَجِـمِ
لَوْ أَنَّهَا بَاهَـتِ الأَمْصَـارَ قَاطِبـةً
بِالْفَضْلِ حَقَّ لَهَـا فَلْتَحْيَـا وَلْتَـدُمِ
---------------------------------------------------------
2- قصيدة طلب الخلود
----------------
أَمْرُ مَنْ يَطلُـبِ الْخُلُـودَ عَسِيـرُ
لاَ يُعَـارُ الْخُلُـودُ مَـنْ يَسْتَعِيـرُ
غَـايَـة الْـفَـنِّ لاَ تُـرَامُ وَمَـا
يُقرَبُ مِنْـهَا إِلاَّ النَّبِيـغُ الصَّبُـورُ
أَدْهَـشَ الْخَلْـقَ رَافَئِيـلُ وَلَـمْ
يَبْلُغْهُ مِنْـه مَـا شَـاءَ التَّصْويـرُ
نَحْتُ فِيدَاسَ حَيَّرَ النَّـاسَ حَتَّـى
لَغَدَتْ تَدَّعِـي الْحَيَـاةَ الصُّخُـورُ
ثُمَّ وَلَّى ذَاكَ الصُّنَّـاعُ وَمَـا فِـي
نَفْسِـهِ حَـالٌ دُونَـهُ التَقْصِيـرُ
أَشْعَـرُ الْخَـلْـقِ كَـانَ هُومِيـرُ
هَلْ أَدْرَكَ مِنْه كُلَّ الْمُنَـى هُوميـرُ
لَمْ يَتِـمَّ الـذِي تَوَخَّـاهُ جُوتِـي
لاَ وَلَمْ يَقضِ مَا اشْتَهَى شَكْسَبِيـرُ
فِي الْفِرنْسِيسِ هَلْ تقضَّـى مَـرامٌ
لِمُجِيـدٍ أَوِ اسْـتَـمَـرَّ مَـرِيـرُ
وَشكـا عَجْزَهُـمْ أَوْلُـو السَّبْـقِ
فِي غَرْبٍ وَشَـرْقٍ وَأَنَّهُـمْ لَكَثِيـرُ
لاَ يُحَاشَى أَبُـو نُـوَّاسُ وَبَـشَّـارُ
بْـنُ بُـرْدِ وَمَسْـلِـمٌ وَجَـرِيـرُ
قَـالَ شَيْئـاً مِمَّـا أَرَادَ حَبِيـبٌ
وَتَغَنَّـى بِمَـا تَسَنَّـى الضَّـرِيـرُ
وَأَتـى مُعْجِزَاتِـهِ الْمُـتَـنَـبِّـي
وَهْـيَ مِمَّـا أَرادَ شَـيءٌ يَسِيـرُ
جَاءَ شَوْقِي بِبَعْـضِ مَـا رَامَ مِنْـهُ
وَهْوَ فِي الحَـقِّ للْقَرِيـضِ أَمِيـرُ
سَرَّهُ جُهْـدُهُ فَلَـمْ يَـأْلُ جُهْـداً
وَأَبَى العَجْـزَ أَنْ يَتِـمَّ السُّـرُورُ
كُلُّهُمْ لَمْ يَصِلْ إِلَـى مَـا تَوَخَّـى
فَثَوَى فِي الطَّرِيـقِ وَهْـوَ حَسِيـرُ
وَلِكُلٍّ مَكَانَهُ مِـنْ هَـوَى النَّـاسِ
وَكـلٌُّ بِالتَّكْـرُمَـاتِ جَـدِيـرُ
هَـذِه يَـا أَحِبَّتِـي سَانِـحَـاتٌ
لاَ تُمَارِي فِي الْحَقِّ وَالْحَـقُّ نُـورُ
كانَ فِي الشِّعْرِ لِي مَـرَامٌ خطِيـرُ
فَعَـدَا طَوْقِـي الْمُـرَامُ الخَطِيـرُ
هَائِمٌ فِي الْوجُودِ أَسْاَلُـهُ الوَحْـيَ
كَمَـا يَسْـأَلُ الغَـنِـيَّ الْفقِيـرُ
لَهْجُ مَا ادْخَـرْتُ عَزْمـاً وَلَكِـنْ
مُـرَادِي نَـاءٍ وَبَـاعِـي قَصِيـرُ
أَكْبَرُونِي وَلَسْـتُ أَكْبِـرُ نَفْسِـي
أَنَا فِـي الْفَـنِّ مُسْتَفِيـدٌ صَغِيـرُ
فَوْق شِعْرِي شِعْـرُ وَفَـوْقَ أَجَـلَّ
الشِّعْرِ مَـا قُـدِّرَ الْبَدِيـعُ الْقَدِيـرُ
لاَ يَضِيقُ صَـدْرُ شاعِـرٍ بِأَخِيـهِ
يَكْرَهُ الْفَضْلُ أَنْ تَضِيـقَ الصُّـدُورُ
وَالسَّمَـاوَاتُ لَـوْ تَأَمَّلْـتَ فِيْـهَا
لَيْسَ تُحْصَى شُمُوسُهَـا وَالْبُـدُورُ
كُلُّ جُرمٍ يَعْلُـو وَيُصْبـحُ نَجْمـاً
فَلْكُـهُ صَـغـيـرٌ وَفيـهِ يَـدُورُ
والنُّجُومُ الَّتِـي تَلُـوحُ وَتُخْفَـى
رَبَـوَاتٌ وَمَـا يَضِـيـقُ الأَثِيـرُ
ذَاكَ أَسْمَـى مَطَالِـبَ الْمَجْـدِ لاَ
يُـدْرِكُـهُ مَـدَّعٍ وَلاَ مَـغْـرُورُ
عَجَبٌ مَـا رَأَيْتُـهُ فِـي زَمَانِـي
مِـنْ بُغَـاثٍ مُسْتَنْسِـرٍ لاَ يطِيـرُ
دَعْ مِـنَ الْفَخْـرِ مَـا تَعَـاطَـاهُ
مَزْهُـوٌ بِتَرْدِيـدِ شِعْـرِهِ وَفَخُـورُ
وَصِفـاتٌ لِبْثُـهَا يَقْـرَعُ الطَّبْـلَ
الْمُـدَوِّيَ وَيُضْـرَبُ الطُّنْـبُـورُ
يَكْرَهُ الْفَضْلُ مَـا يُعيـدُ وَيُبْـدِي
مِـنْ دَعَـاوَى فَنِّيـةٍ هِـي زُورُ
هِيَ فِي الْمَجْـدِ رُتبَـةُ فُرِضَـتْ
فَرْضاً وَلَمْ يَشْهَدِ الْحِسَابَ الضَّمِيـرُ
لَيْسَ حُكْمُ الْجُمْهُورِ فِيهَا بِحُكْـمٍ
وَلِحِينٍ قَـدْ يُخْـدَعُ الْجُمْهُـورُ
سَلْ فُحُولَ الْقَرِيضِ مِمَّـنْ بِهِـمْ
أَنَلْ مَجْداً هَـذَا الزَّمَـانُ الأَخِيـرُ
هَلْ لِمَحْمُودٍ هَلْ لِحَافِظَ إِبرَاهِيـمَ
فِيمَـنْ أَجَـادَ شِـعْـراً نَظِيـرُ
وَمِنَ الْعُرْبِ لاَ يُحَاشى امْرُؤَ الْقَيْسِ
وَيَنـأَى عَـنِ القِيـاسِ جَـرِيـرُ
رَجْـعَـةٌ رَجْـعَـةٌ إِلَـى الْفَـنِّ
إِنَّ الْفَنَّ فِيهِ الإِنْصَـافُ وَالتَّقْدِيـرُ
إِنَّ هَـذَا الإِكْـرَامَ لِلفَـنِّ لاَ لِـي
وَالْمُـرَامُ الـذِي ابْتغَيْتُـمْ كَبِيـرُ
أَيُّ قِسْـطٍ أَوْلَيْتُـمُـونِـي مِنْـهُ
هُوَ فَضْـلٌ عَلَـى قَلِيلـي كَثِيـرُ
ذَاكَ قوْلِي وَلَيْسَ ينقـصُ شُكْـرِي
وَأَخُوكمْ كَمَـا عَلِمْتُـمْ شَكُـورُ
غَيْرَ أَنِّي أَخْشـى تَخَطِّـي حَـدِّي
وَهُوَ ضِعْفٌ مِنِّي فَهَلْ لِـي عَذِيـرُ
إِنَّ هَـذَا التَّمْـثـالَ يَـا رَافِعِيـهِ
لَجـزَاءٌ عَلَـى الْقَلِـيـلِ كَثِيـرُ
ذاكَ فَضْلٌ مِنْكُـمْ وَمَـا زالَ حَقّـاً
إِنَّ مَـا يَفعَـل الْـكَبِيـرُ كَبِيـرُ
-----------------
بِالعِلْمِ يُدْرِكُ أَقصَى المَجْدِ مِـنْ أَمَـمٍ
وَلا رُقِـيَّ بِغَيْـرِ العِلْـمِ لِـلأُمَـمِ
يَا مَـنْ دَعَاهُـمْ فَلَبَّتْـهُ عَوَارِفُهُـمْ
لِجُودِكُمْ مِنْهُ شُكْرُ الـرَّوْضِ لِلدِّيَـمِ
يَحْظَى أُولُو الْبَذْلِ إِنْ تَحْسُنْ مَقَاصِدُهُم
بِالبَـاقِيَـاتَ مِـنَ الآلاءِ وَالنِّـعَـمِ
فَإِنْ تَجِدْ كَرَماً فِـي غَيْـرِ مَحْمَـدَةٍ
فَقَدْ تَكُونُ أَدَاةُ المَـوْتِ فِـي الْكَـرْمِ
مَعَاهِدُ العِلْمِ مَنْ يَسْخُـو فَيَعْمُرُهَـا
يَبْنِـي مَـدَارِجَ لِلْمُسْتَقْبـلِ السَّنِـمِ
وَوَاضِعٍ حَجَـراً فِـي أُسٍّ مَدْرَسَـةٍ
أَبْقَى عَلَى قَوْمِهِ مِـنْ شَائِـدِ الْهَـرَمِ
شَتَّانَ مَا بَيْـنَ بَيْـتٍ تُسْتَجَـدُّ بِـهِ
قُوَى الشُّعُوبِ وَبَيْتٍ صَائِـنِ الرِّمَـمِ
لَمْ يُرْهِقِ الشَّرْقَ إِلاَّ عَيْشُـهُ رَدَحـاً
وَالجَهْلُ رَاعِيـهِ وَالأَقْـوَامُ كَالنَّعَـمِ
فَحَسبُهُ مَا مَضَى مِـنْ غَفْلَـةٍ لَبِثَـتْ
دهراً وَآنَ لَـهُ بَعْـثٌ مِـنَ الْعَـدَمِ
الْيَوْمَ يُمنَـعُ مِـنْ وِردٍ عَلَـى ظَمـأٍ
مَنْ لَيسَ بِاليَقِـظِ المُستَبْصِـرِ الْفَهِـمِ
اليوْمَ يُحرمُ أَدْنَـى الـرِّزْقِ طَالِبُـهُ
فأَعْمِلِ الفِكْـرَ لا تُحْـرَمْ وَتَغْتنِـمِ
وَالجَمْعُ كَالْفَـرْدِ إِنْ فَاتَتْـهُ مَعْرِفَـةٌ
طَاحَتْ بِهِ غَاشِيَاتُ الظُّلْـمِ وَالظُّلَـمِ
فَعَلِّمُـوا عَلِّمُـوا أَوْ لا قَـرَارَ لَكُـمْ
وَلا فِـرَارَ مِـنَ الآفَـاتِ وَالغُمَـمِ
ربُّوا بَنِيكُمْ فَقَدْ صِرْنَـا إِلَـى زَمَـنٍ
طَارَتْ بِهِ النَّاسُ كَالْعِقْبَانِ والرَّخَـمِ
إِن نَمْشِ زَحْفاً فَمَا كَـزَّاتُ مُعْتَـزِمٍ
مِنَّا هُدِيتُـمْ وَمَـا مَنْجَـاةُ مُعْتَصِـمِ
يا رُوحَ أَشْرَفَ مَنْ فَـدَّى مَوَاطِنَـهْ
بِمَوْتِهِ بَعْدَ طُـولَ الْجُهْـدِ وَالسَّقَـمِ
كَأَنَّنِي بِـكِ فِـي النَّـادِي مُرَفْرِفَـةً
حِيَالَنَا وَكَـأَنَّ الصَّـوْتَ لَـمْ يَـرِمِ
فَفِي مَسَامِعِنَـا مَـا كُنـتِ مُلْقِيَـةً
فِي مِثْلِ مَوْقِفِنَا مِـنْ طَيِّـبِ الكَلِـمِ
وَفِي القلوب اهْتِزَازٌ مِنْ سَنَاكِ وَقَـدْ
جَلاهُ وَرْيٌ كَوَرْيِ الْبَرْقِ فِي الظُّلَـمِ
تُوصِينَنَـا بِتُـرَاثٍ نَـامَ صَـاحِبُـهُ
عَنْهُ اضْطِراراً وَعَيْنُ الدَّهْرِ لَـمْ تَنَـمِ
سَمْعاً وَطَوْعاً بِلا ضَعَـفٍ وَلا سَـأمٍ
لِلْهَاتِفِ المُسْتَجَابِ الصَّوْتِ مِن قِـدَمِ
أَلـدَّارُ عَـامِـرَةٌ كَالْعَهْـدِ زَاهِـرةٌ
وَالْقَوْمٌ عِنْدَ جَمِيـلِ الظَّـنِّ بِالْهِمَـمِ
هُمْ نَاصِرُوهَا كَمَا كَانُوا وَمَا بَرِحَـتْ
ظِـلاًّ وَنُـوراً لِمَحْـرُومٍ وَذِي يَتَـمٍ
إِنَّ الْفَقِيـرَ لَـهُ فِـي قَوْمِـهِ ذِمَـمٌ
وَالْبِرُّ ضَرْبٌ مِـنَ الإِيفَـاءِ بِالذِّمَـمِ
تِجَـارَةٌ فِـي سَبِيـلِ اللهِ رابِحَـةٌ
يشْرِي السَّخِيُّ بِهَا عَفْواً مِـنَ النَّقَـمِ
وَيَسْتَزِيدُ النَّدَى مِـنْ فَضْـلِ رازِقِـهِ
وَيَسْتَعِيـنُ عَلَـى الْـعِـلاَّتِ وَالأُزُمِ
دَامَتْ لِمِصْرَ عَلَـى الأَيَّـامِ رِفْعَتُـهَا
وَدَرَّهَـا كُـلُّ فَيَّـاضٍ وَمُنْسَجِـمِ
لَوْ أَنَّهَا بَاهَـتِ الأَمْصَـارَ قَاطِبـةً
بِالْفَضْلِ حَقَّ لَهَـا فَلْتَحْيَـا وَلْتَـدُمِ
---------------------------------------------------------
2- قصيدة طلب الخلود
----------------
أَمْرُ مَنْ يَطلُـبِ الْخُلُـودَ عَسِيـرُ
لاَ يُعَـارُ الْخُلُـودُ مَـنْ يَسْتَعِيـرُ
غَـايَـة الْـفَـنِّ لاَ تُـرَامُ وَمَـا
يُقرَبُ مِنْـهَا إِلاَّ النَّبِيـغُ الصَّبُـورُ
أَدْهَـشَ الْخَلْـقَ رَافَئِيـلُ وَلَـمْ
يَبْلُغْهُ مِنْـه مَـا شَـاءَ التَّصْويـرُ
نَحْتُ فِيدَاسَ حَيَّرَ النَّـاسَ حَتَّـى
لَغَدَتْ تَدَّعِـي الْحَيَـاةَ الصُّخُـورُ
ثُمَّ وَلَّى ذَاكَ الصُّنَّـاعُ وَمَـا فِـي
نَفْسِـهِ حَـالٌ دُونَـهُ التَقْصِيـرُ
أَشْعَـرُ الْخَـلْـقِ كَـانَ هُومِيـرُ
هَلْ أَدْرَكَ مِنْه كُلَّ الْمُنَـى هُوميـرُ
لَمْ يَتِـمَّ الـذِي تَوَخَّـاهُ جُوتِـي
لاَ وَلَمْ يَقضِ مَا اشْتَهَى شَكْسَبِيـرُ
فِي الْفِرنْسِيسِ هَلْ تقضَّـى مَـرامٌ
لِمُجِيـدٍ أَوِ اسْـتَـمَـرَّ مَـرِيـرُ
وَشكـا عَجْزَهُـمْ أَوْلُـو السَّبْـقِ
فِي غَرْبٍ وَشَـرْقٍ وَأَنَّهُـمْ لَكَثِيـرُ
لاَ يُحَاشَى أَبُـو نُـوَّاسُ وَبَـشَّـارُ
بْـنُ بُـرْدِ وَمَسْـلِـمٌ وَجَـرِيـرُ
قَـالَ شَيْئـاً مِمَّـا أَرَادَ حَبِيـبٌ
وَتَغَنَّـى بِمَـا تَسَنَّـى الضَّـرِيـرُ
وَأَتـى مُعْجِزَاتِـهِ الْمُـتَـنَـبِّـي
وَهْـيَ مِمَّـا أَرادَ شَـيءٌ يَسِيـرُ
جَاءَ شَوْقِي بِبَعْـضِ مَـا رَامَ مِنْـهُ
وَهْوَ فِي الحَـقِّ للْقَرِيـضِ أَمِيـرُ
سَرَّهُ جُهْـدُهُ فَلَـمْ يَـأْلُ جُهْـداً
وَأَبَى العَجْـزَ أَنْ يَتِـمَّ السُّـرُورُ
كُلُّهُمْ لَمْ يَصِلْ إِلَـى مَـا تَوَخَّـى
فَثَوَى فِي الطَّرِيـقِ وَهْـوَ حَسِيـرُ
وَلِكُلٍّ مَكَانَهُ مِـنْ هَـوَى النَّـاسِ
وَكـلٌُّ بِالتَّكْـرُمَـاتِ جَـدِيـرُ
هَـذِه يَـا أَحِبَّتِـي سَانِـحَـاتٌ
لاَ تُمَارِي فِي الْحَقِّ وَالْحَـقُّ نُـورُ
كانَ فِي الشِّعْرِ لِي مَـرَامٌ خطِيـرُ
فَعَـدَا طَوْقِـي الْمُـرَامُ الخَطِيـرُ
هَائِمٌ فِي الْوجُودِ أَسْاَلُـهُ الوَحْـيَ
كَمَـا يَسْـأَلُ الغَـنِـيَّ الْفقِيـرُ
لَهْجُ مَا ادْخَـرْتُ عَزْمـاً وَلَكِـنْ
مُـرَادِي نَـاءٍ وَبَـاعِـي قَصِيـرُ
أَكْبَرُونِي وَلَسْـتُ أَكْبِـرُ نَفْسِـي
أَنَا فِـي الْفَـنِّ مُسْتَفِيـدٌ صَغِيـرُ
فَوْق شِعْرِي شِعْـرُ وَفَـوْقَ أَجَـلَّ
الشِّعْرِ مَـا قُـدِّرَ الْبَدِيـعُ الْقَدِيـرُ
لاَ يَضِيقُ صَـدْرُ شاعِـرٍ بِأَخِيـهِ
يَكْرَهُ الْفَضْلُ أَنْ تَضِيـقَ الصُّـدُورُ
وَالسَّمَـاوَاتُ لَـوْ تَأَمَّلْـتَ فِيْـهَا
لَيْسَ تُحْصَى شُمُوسُهَـا وَالْبُـدُورُ
كُلُّ جُرمٍ يَعْلُـو وَيُصْبـحُ نَجْمـاً
فَلْكُـهُ صَـغـيـرٌ وَفيـهِ يَـدُورُ
والنُّجُومُ الَّتِـي تَلُـوحُ وَتُخْفَـى
رَبَـوَاتٌ وَمَـا يَضِـيـقُ الأَثِيـرُ
ذَاكَ أَسْمَـى مَطَالِـبَ الْمَجْـدِ لاَ
يُـدْرِكُـهُ مَـدَّعٍ وَلاَ مَـغْـرُورُ
عَجَبٌ مَـا رَأَيْتُـهُ فِـي زَمَانِـي
مِـنْ بُغَـاثٍ مُسْتَنْسِـرٍ لاَ يطِيـرُ
دَعْ مِـنَ الْفَخْـرِ مَـا تَعَـاطَـاهُ
مَزْهُـوٌ بِتَرْدِيـدِ شِعْـرِهِ وَفَخُـورُ
وَصِفـاتٌ لِبْثُـهَا يَقْـرَعُ الطَّبْـلَ
الْمُـدَوِّيَ وَيُضْـرَبُ الطُّنْـبُـورُ
يَكْرَهُ الْفَضْلُ مَـا يُعيـدُ وَيُبْـدِي
مِـنْ دَعَـاوَى فَنِّيـةٍ هِـي زُورُ
هِيَ فِي الْمَجْـدِ رُتبَـةُ فُرِضَـتْ
فَرْضاً وَلَمْ يَشْهَدِ الْحِسَابَ الضَّمِيـرُ
لَيْسَ حُكْمُ الْجُمْهُورِ فِيهَا بِحُكْـمٍ
وَلِحِينٍ قَـدْ يُخْـدَعُ الْجُمْهُـورُ
سَلْ فُحُولَ الْقَرِيضِ مِمَّـنْ بِهِـمْ
أَنَلْ مَجْداً هَـذَا الزَّمَـانُ الأَخِيـرُ
هَلْ لِمَحْمُودٍ هَلْ لِحَافِظَ إِبرَاهِيـمَ
فِيمَـنْ أَجَـادَ شِـعْـراً نَظِيـرُ
وَمِنَ الْعُرْبِ لاَ يُحَاشى امْرُؤَ الْقَيْسِ
وَيَنـأَى عَـنِ القِيـاسِ جَـرِيـرُ
رَجْـعَـةٌ رَجْـعَـةٌ إِلَـى الْفَـنِّ
إِنَّ الْفَنَّ فِيهِ الإِنْصَـافُ وَالتَّقْدِيـرُ
إِنَّ هَـذَا الإِكْـرَامَ لِلفَـنِّ لاَ لِـي
وَالْمُـرَامُ الـذِي ابْتغَيْتُـمْ كَبِيـرُ
أَيُّ قِسْـطٍ أَوْلَيْتُـمُـونِـي مِنْـهُ
هُوَ فَضْـلٌ عَلَـى قَلِيلـي كَثِيـرُ
ذَاكَ قوْلِي وَلَيْسَ ينقـصُ شُكْـرِي
وَأَخُوكمْ كَمَـا عَلِمْتُـمْ شَكُـورُ
غَيْرَ أَنِّي أَخْشـى تَخَطِّـي حَـدِّي
وَهُوَ ضِعْفٌ مِنِّي فَهَلْ لِـي عَذِيـرُ
إِنَّ هَـذَا التَّمْـثـالَ يَـا رَافِعِيـهِ
لَجـزَاءٌ عَلَـى الْقَلِـيـلِ كَثِيـرُ
ذاكَ فَضْلٌ مِنْكُـمْ وَمَـا زالَ حَقّـاً
إِنَّ مَـا يَفعَـل الْـكَبِيـرُ كَبِيـرُ